في هذا الكتاب نحن أمـام نموذج استثنائي من البحوث الميدانية؛ الذي جهدت خلاله الكاتبة الفرنسية الكبيرة انيك كوجان لرفع الستار عن أبشع الجرائم الجنسية التي ارتكبها طاغية عبر القرون، استغرق منها عدة أشهر من التنقيب في ليبيا ما بعد الحـرب؛ حـول الجرائم الجنسية للرئيس الليبي السابقي القذافي، بالتعاون مع ثائرة ليبية، في تحدي كبير لكافة الصعوبات التي كانت تقف أمام الخوض في موضوع يحمل في طياته أكثر من تهديد. حيث تنقل الكاتبة في هذا الكتاب، شهادات على درجة من الأهمية لعدد من الضحايا، اختارت أن تضع إحداها كوثيقة أساسية، ترفدها بقية الشهادات، تجنباً لأي تكرار قد يؤدي إلى الخروج بالموضوع عن هدفه. حيث أن الغوص أكثر في تفاصيل «فجور» الطاغية؛ والذي يرسم لسيناريو غير مسبق في تاريخ البشريـة؛ ورغم أهمية ذلك لرصد الحقائق من أجل التاريخ، كان سيجعل الكتاب أقرب إلى كتب الروايات الوردية. وسيلاحظ القارئ توظيف الكاتبة لبعض المفردات «المريعة»؛ التي تنفر منها اللغة، ويرفضها القلب والعقل. لكنهـا للأسف تفرض نفسها على النص كمصيبة لابد منها؛ لان إزالتها أواستبدالها بمفردات أخف؛ يؤسس لخطيئة بحق الضحايا، بالقياس إلى ما يمثله ذلك من تسامح مع المجرم. ويمكن القول إن الكتاب عبارة صفحـات من «حياة متجبر مهووس بالجنس» نعرضها دون مواربـة ؛ رغم ارتعاد فرائض الحروف ؛ لنقدم للعالم كشفا بجرائم الطغاة، وليعرفوا أن التاريخ يترصدهم، وأن كل من يحاول أن يتمادى سيكون التاريخ له بالمرصاد. وحتـى لا يتكـرر ذلك أبــدا !