يهدف الكتاب إلى معالجة أحد أهم القضايا التي تجابه حركة النهضة التونسية، ألا وهي مسألة الانخراط في العمل المؤسساتي، واكتساب مشروعية الفعل السياسي والممارسة كسائر التنظيمات والأحزاب الرسمية الفاعلة في الساحة السياسية. لذلك ركز الباحث النظر في حدث وصول الإسلاميين إلى الحكم في تونس باعتباره حدثا مهما في تاريخ البلاد المعاصر، وخاصة أن ثورة 14 جانفي 2011 أتاحت للإسلاميين فرصة الانخراط في النسيج المجتمعي المدني والفعل السياسي، ومكّنتهم من اعتلاء سدّة الحكم لأوّل مرّة وذلك بعد فوزهم في انتخابات 23 أكتوبر 2011 بأغلبية المقاعد في المجلس الوطني التأسيسي، وهو ما أهلهم لقيادة البلاد بحكومة ائتلافية في فترة انتقالية دقيقة، جاءت بعد مرحلة حكم إبن علي التي خلّفت وراءها كمّا هائلا من المشكلات المعقّدة، وهي أهم تجربة يخوضها الإسلاميون في تونس بعد انتقالهم من المعارضة إلى السلطة، إذ ليس من اليسير أن يشترك حزب إسلامي مع آخرين في إدارة شؤون الدولة، خاصة إذا كان الشركاء لهم مسارات مختلفة، وينهلون من مرجعيات مغايرة. كما جمع الكتاب تأصيلاً علمياً وخلاصات فكرية تهتم بالتحولات الديمقراطية وصعود الإسلاميين في تونس إلى سدّة الحكم، وقد تعد هذه الأطروحة في مجال الفكر الإسلامي السياسي وفي علم الاجتماع السياسي إضافة متميزة لأنها ترصد مسار التطور الفكري والسياسي للإسلاميين عبر حوالي ست عقود من الزمن وترصد أيضا الفرص والتحديات التي واجهت الإسلاميين على كافة الصّعد المحلية والإقليمية والدولية حال استلامهم الحكم.