في هذا الكتاب تركز الباحثة على مسألة «المواطنة» في أعمال المفكر المصري سلامة موسى، وتعتني بمدى تواؤمها مع الآراء والمواقف والنظريات الحديثة، دون أن تغفل طبعاً عن جانب الذاتية في العمل- حيث كانت لها بعض المواقف الخاصة، التي قد يراها البعض انحيازاً للفكر الموسوي ولكنها تتناسب في نظرها، مع مقتضيات الفكر المعاصر، مقارنة بالزمن الموسوي - فقد ارتكز الكتاب على البحث عن أسس المواطنة كما تبدو في الفكر الموسوي ومستوياتها مع محاولة الإلمام بمحدداتها، سعيا إلى مقاربتها بمستوى الفكر الحديث. إذ صحيح أن مسألة المواطنة، تناولها العديد من المفكرين، واختلفت حولها الآراء، وتباينت آراء جل المفكرين على اختلاف انتماءاتهم، لكنها تظل مبحثاً أساسياً، لارتباطها المتين بمشاغل المجتمعات والشعوب. لذلك حرصت الكاتبة في هذا البحث، على التأكيد على مجموعة من المنطلقات التي حددت الخطوات العامة لبحثها، منها خصوصية انتماء سلامة موسى إلى مجتمع يعاني الاضطهاد الاجتماعي والسياسي. وقد أثر ذلك في نفسيّة المفكر المصري، كما حاولت الكاتبة من خلال فكره واتجاهه، معرفة أسس مشروعه الثقافي، الإصلاحي، باعتباره مشروعاً تقدمياً يرمي إلى بناء مجتمع تسوده الديمقراطية والمواطنة. كما أبرزت الكاتبة أهمية مشروع سلامة موسى الفكري، من أجل ممارسة الحياة السياسية، في كنف الحرية والعدالة، والدعوة المؤكدة إلى تبني المبادئ الديمقراطية في البرنامج السياسي. فالحديث عن المواطنة في الفكر الموسوي، ليس مجرد رفاهة فكرية أو ترفاً جميلاً، وإنما هو معالجة لقضية تمدين المجتمع بما هو محور التنظيم الاجتماعي والسياسي الحديث. كما مثلت المواطنة في الفكر الموسوي، المحرك الفاعل في إرساء مجتمع عربي تعددي، يتسنى فيه للأفراد التمتع بالقدر الكافي من الحريات الأساسية، وبالأساس الحرية الاجتماعية والسياسية، والفكرية، هذا المجتمع الذي - يأمله سلامة موسى - تتوحد فيه الثقافات ولا تتناحر القوميات، ويخلو من التعصب والرجعية. وفي الكتاب أيضا بينت الكاتبة كيف أن سلامة موسى، يؤكد حاجة المجتمع العربي إلى قيم المواطنة، وتحققها يبقى رهين قناعات الشعب بالتحرر من عدة قيود. فمعنى المواطنة في الفكر الموسوي كان شاملا لارتباطه أساسا بإنسانية الإنسان، حيث «أن جوهر المواطنة هو احتياجات الإنسانية وهي الرغبة والحق في البقاء».